أخبار الإنترنت
recent

الفول والفلافل وطعمية ...تقليل الفول المستخدم لصالح الخضروات لرخص أسعارها.


الفول والفلافل


 القاهرة – لا تنسى قطاعات من المصريين مشهدا سينمائيا لافتا في فيلم "الأرض" المنتج عام 1970 للمخرج يوسف شاهين، ظهر فيه الفلاح دياب (الممثل على الشريف) ينظر إلى "الطعمية" ويحسد أهل البندر على ذلك النعيم.

إنها الفلافل التي يسميها المصريون أيضا "طعمية" لشيوع تناولها في الطعام ومختلف الوجبات ورخص ثمنها. لكن مؤخرا ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر الفول المكون الرئيسي للطعمية، لجأت بعض المطاعم إلى إعادة النظر في المكونات لتخفيض التكلفة، وهو ما أثار دهشة الكثيرين.

وألقت السلطات القبض على صاحب مطعم في منطقة القناطر بالقليوبية شمالا، بعد أن استخدم البرسيم لإعداد الطعمية وليس البقدونس والكراث كما هو معروف.

يقول علي عيد -وهو موظف- إنه لا يستطيع التنازل عن الفلافل بطعمها التقليدي، فهي "أرخص حاجة". ويضيف "سندوتش الفلافل تجاوز 7 جنيهات". وفي السياق نفسه يقول حسن (ي) -وهو سائق توكتوك- "مفيش (ليس هناك) غيرها".

وتصف ولاء عامر -وهي طالبة جامعية- الفلافل الحقيقية بأنها طعام الأثرياء، وتطالب الحكومة بالتوسع في زراعة الفول، قائلة "هو قوت المصريين الأساسي". وتضيف "قرص الطعمية الواحد بجنيه ويتاكل في لقمة واحدة".

وتستورد مصر نحو 75% من احتياجاتها من الفول، وتظهر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن الواردات المصرية من الفول العريض تقترب من نصف مليار دولار سنويا، بزيادة بلغت نحو 11 مليون و814 ألف دولار عن العام الماضي.

الفول والطعمية (الفلافل) وجبة الفطور اليومية لدى المصريين على اختلاف مستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية (أسوشيتد برس)

التلاعب في المكونات

أما "أبو أحمد" -صاحب مطعم- فيرفض بشدة الكلام عن التلاعب بمكونات الفلافل، لكنه لا ينفي لجوء من سماهم "معدومي الضمير" إلى تقليل الفول المستخدم لصالح الخضروات لرخص أسعارها. ويتحدث بأسى عن ارتفاع أسعار الفول وتكاليف النقل فضلا عن الزيوت وفواتير الكهرباء والضرائب.


ولا ينكر أكرم (س) -صاحب مطعم في منطقة الإسعاف بوسط القاهرة- استخدام زيوت "درجة ثانية" على حد وصفه، بسبب ارتفاع سعر الزيوت عالية الجودة.

ويرد أبو أحلام -صاحب مطعم سوري في منطقة أكتوبر بالجيزة- قائلا إنه يستخدم منتجات عالية الجودة، لكن لديه مشكلة في توريد الحمص المستخدم بدلا من الفول، ويشكو من ارتفاع التكلفة، مما يضطره لزيادة السعر وما يتبع ذلك من تراجع المبيعات.

وبقدر لافت من الأسى الممزوج بالسخرية، يتحدث أهالي منطقة "الجلاتمة" بمحافظ القليوبية عن لجوء أحد المطاعم لاستخدام البرسيم بدلا من الخضروات المعروفة "الشبت والكزبرة والبقدونس والكراث". يقول " س. ل" إن البرسيم أرخص لكن على أي حال الشرطة قامت بالواجب واعتقلت صاحب المطعم الذي تم الإفراج عنه لاحقا.

ويعترض جميل السيد على ضعف إجراءات الحكومة للرقابة على المطاعم، ويتحدى أن يتحول أمر الأماكن المخالفة للمحاكمة، قائلا إن "بعض الجهات الرقابية تعاني أصلا من الفساد"، وفق وصفه.

الفول المكون الرئيسي للفلافل المصرية وأدى ارتفاع سعره لأزمة في واحدة من أهم وجبات المصريين (الجزيرة)

مخاطر التلاعب

لم يقف الأمر عند تغير المذاق، بل يمتد إلى تضاعف احتمال رفع معدلات الدهون الضارة بالجسم، وفق ما يقول حازم صلاح طبيب الجهاز الهضمي في قصر العيني.

ويوضح حازم صلاح أن الخطورة تكمن في تحول الفلافل إلى كتلة غريبة من الخضار مع الزيت المغلي في درجات حرارة عالية، تنتج خليطا يسبب ارتباكا للجهاز الهضمي، خاصة المعدة، وقد يتسبب الأمر في البداية في ظهور أعراض حرقان وارتجاع عصارة المريء ومرارة في الحلق.


كما ينصح الطبيب المصري بضرورة ترشيد التعامل مع الفلافل، حيث يكفي أن تكون على الإفطار مرة إلى 3 مرات في الأسبوع، مع ضرورة عدم الإسراف في تناولها.

يأتي ذلك بينما لا تتوقف وزارة التموين عن نشر بيانات الحملات الموسعة لمواجهة التلاعب، حيث حررت 1684 محضرا بمخالفات المطاعم وتوريدات الأغذية خلال أسبوعين فقط، وفقا لبيان عبر صفحة الوزارة في فيسبوك.

في مقابل ذلك لا يرى حسين عبد الحميد -وهو محاسب بأحد البنوك- أي فائدة من تلك الحملات، ويقول إن كل شيء يرجع كما كان بعد انتهاء مهمة رجال الرقابة.

كما لا يرى أي غضاضة في تغيير العادات الغذائية للمصريين تماشيا مع الظروف، قائلا إن العالم كله يمر بظروف مشابهة. ويشير عبد الحميد إلى أن البريطانيين يغيرون عاداتهم الغذائية بسبب الأزمة، ويشير مازحا إلى أن الألمان غيروا عادات الاستحمام بسبب أزمة شح المياه.

دعوات لترشيد تناول الفلافل وإعدادها في المنزل وتغيير مكوناتها توفيرا للنفقات (شترستوك)

تغير عادات الغذاء

ترى نجوى (ط) أستاذة علم النفس الاجتماعي بجامعة المنصورة أن الوقت قد حان ليغير المصريون نمط الغذاء، موضحة أن الأمر دخل مرحلة الضرورة. وتضيف "على المصريين التكيف مع الواقع الصعب" كما فعلوا ذلك عبر تاريخ طويل من الأزمات.

وترى الأكاديمية المصرية أن المشكلة تكمن في الاعتماد على "رغيف العيش القمحي" الذي يتطلب -كما تقول- الفول والفلافل، مشيرة إلى ضرورة العودة للرغيف القديم الذي كان يحتوي على جزء من دقيق الذرة ودقيق القمح الأسمر والأبيض.

وأكدت أنه لا توجد ضرورة للتعامل مع الفول والفلافل بالطرق التقليدية الحالية على حد تعبيرها، لافتة إلى دراسات تحذر من أن كل قرص من الفلافل يحتوي على نحو 60 سعرة حرارية و5 غرامات من الدهون، وتنصح الاشخاص الذين يعانون من مشاكل في القلب والكوليسترول أو الدهون الثلاثية بالابتعاد عن تناول الفلافل.

وتزامنا مع تزايد أزمة الاستيراد وصعوبة الإفراج عن البضائع المكدسة في الموانئ، ومن بينها الفول بسبب شح الدولار، وجهت هيئة الدواء المصرية عدة نصائح بعدم تناول الأغذية المحضرة من الفول مثل الفلافل، مشيرة إلى أنه "بشكل عام يفضل الحذر عند تناول جميع أنواع البقوليات".

في هذا السياق، تدعو سحر عبد الرحيم لإنتاج الفلافل في المنزل، مقترحة إضافات من "النشا والطحين" لتقليل امتصاص الزيت وخفض تكلفتها وضمان صلاحيتها للاستهلاك، بدلا من الاعتماد على المطاعم.

كما تنشر خبيرة التغذية نجلاء الشرشابي، طرقا عدة لتجهيز الفلافل في المنزل، متبنية فكرة تغيير المكونات للتكيف مع الظروف الراهنة، وذلك من خلال بقايا الخبز.

وعبر صفحتها بفيسبوك، تنصح الشرشابي باستخدام "مقلاة هوائية" لا تعتمد على الزيوت بشكل أساسي لتحضير الفلافل. وتعلق إحدى ربات البيوت على ذلك قائلة إن "الفلافل ستنزل عن عرش الطعام الشعبي قريبا، وعلى المصريين التكيف مع ذلك".

لقمة

لقمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.